أنوارُ وجْهِكِ - يا أمَّاهُ - لمْ تُشَبِ *** أنتِ السَّماءُ وأنتِ الشَّمسُ لمْ تَغِبِ
أنتِ النِّساءُ، فلا ترقى لكِ امرأةٌ *** في الجودِ، يا خيرَ مَنْ أَعطَتْ بِلا سَبَبِ
ذاكَ الحنانُ وذاكَ الدِّفءُ رافقَني *** تلكَ السِّنينَ، فلا أَخْشَى منَ الكُرَبِ
أمَّاهُ في نَسَمَاتِ الفجْرِ تَحْضُرُني *** مُغْرَوْرقاً بدموعِ الشَّوقِ والطَّرَبِ
تدْنو فَتُعْجزُني بالكادِ أَسْئلَتي *** إلا بدمْعٍ جرَى كالوَدْقِ في صَبَبِ
مُدِّي يمينَكِ - يا أُمِّي - أُقَبِّلُها *** أرْقى المكانَ جِنانَ الخُلْدِ ذا الرُّتَبِ
هذا المآلُ فَلا أبْغي بهِ بدَلاً *** اَللهُ حسْبي فلاَ أدنُو منَ اللَّهَبِ
قدْ رُمْتِ عنْدَ إلهِ الكونِ منْزلةً *** فالْوِلْدُ منْ بَرَكَاتِ الأمِّ في طَلَبِ
هيهات أنْ يرْضى الرَّحمنُ إنْ غَضبَتْ *** فاعْقِلْ كلامَ رسولِ اللهِ في الأَدَبِ
الأمُّ ثُمَّ وَلاءُ الأمِّ مُلْتزِماً *** .. ذاكَ السَّبيلُ إلى الفرْدَوسِ ذو الأَرَبِ
لا يَدْخُلَنَّ جنانَ الخُلْدِ مُنْتَهِكاً *** ذَنْباً مَضَى بعُقُوقِ الأمِّ في الغَضَبِ
أمَّاهُ، ما بَلَغَ المُدَّاحُ في كَلِمٍ *** شَيئاً, ولا الخُطَبَاءُ الوَصْفَ في الخُطَبِ
حُقَّتْ لِجُودِكِ أوصافٌ بِلا عَدَدٍ *** حتَّى غَدَوْتِ لِبَحْرِ الوَصْفِ كالنَّسَبِ
فَأَنْتِ في شِعْرِ (إبراهيمَ) مَدْرَسَةٌ *** تَسْعَى لِإعْدادِ أَجْيالٍ منَ النُّخَبِ
وأنْتِ كالجَوهرِ المكْنونِ تَحْرُسُهُ *** عَينُ الرِّعايةِ في جِدٍّ وفي دَأَبِ
وأنْتِ رَوضٌ منَ الجنَّاتِ يُورِقُهُ *** عَذْبُ المياهِ إذا ما الرِّيُّ لمْ يُشَبِ
أنْتِ الجِنَانُ، فَمَا يَشْقَى بها أَحَدٌ *** أنْتِ النَّعيمُ، فَما يبْلى منَ الطَّلَبِ